وتصانيف العلماء شاهدة بذلك، ومناظراتهم ناطقة به.

قال بعض علماء المالكية: أهل الأعصار مجمعون على الاحتجاج بما هذا سبيله، وذلك مشهور في رواياتهم وكتبهم ومناظراتهم واستدلالاتهم، ويمتنع والحالة هذه إطباق هؤلاء (?) [كلهم] (?) على الاحتجاج بما لم يشرع اللَّه ورسوله الاحتجاج به ولا نصبه دليلًا للأمة، فأي كتاب شئت من كتب السلف والخلف المتضمنة للحكم والدليل وجدت فيه الاستدلال بأقوال الصحابة، ووجدت ذلك طرازها وزينتها، ولم تجد فيها قط ليس قول أبي بكر وعمر حجة، ولا يُحتج بأقوال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- و [لا] (?) فتاويهم، ولا ما يدل على ذلك، وكيف يطيب قلب عالم [أن] (?) يقدّم على أقوال من وافق ربه تبارك وتعالى في غير حكم فقال وأفتى بحضرة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ونزل القرآن بموافقة ما قال لفظًا ومعنى قولَ متأخر بعده ليس [له هذه] (?) الرتبة ولا [ما] (?) يدانيها؟ وكيف يظن أحد أن الظن [المستفاد من آراء المتأخرين أرجح من الظن] (?) المستفاد من فتاوى السابقين الأولين الذين شاهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التأويل وكان الوحي [ينزل] (?) خلال بيوتهم وينزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بين أظهرهم؟.

قال جابر: "والقرآن ينزل على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يعرف تأويله، فما عمل به من شيء عملنا به" (?) في حديث حجة الوداع؛ فمستندهم في معرفة مراد الرب تعالى من كلامه ما يشاهدونه من فعل رسوله وهديه الذي [هو] (?) يفصِّل القرآن ويفسره، فكيف يكون أحد من الأمة بعدهم أولى بالصواب منهم في شيء من الأشياء؟ هذا عين المحال.

فإن قيل: فإذا كان هذا حكم أقوالهم في أحكام الحوادث، فما تقولون في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015