معلوم لمن تأمله من هديهم (?) وسيرتهم، فقد أنكر أبو سعيد على مروان وهو أمير على المدينة (?)، وأنكر عبادة بن الصامت على معاوية وهو خليفة (?)، وأنكر ابن عمر على الحجاج مع سَطْوته وبأسه، وأنكر على عمرو بن سعيد (?)، وهو أمير على المدينة، وهذا كثير [جدًا] (?) من إنكارهم على الأمراء والولاة إذا خرجوا عن العدل لم يخافوا سَوطهم (?) ولا عقوبتهم، ومن بعدهم لم تكن لهم (?) هذه المنزلة، بل كانوا يتركون كثيرًا من الحق خوفًا من ولاة الظلم وأمراء الجور، فمن المحال أن يوفَّق هؤلاء (?) للصواب ويحرمه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الوجه الثامن والثلاثون: ما ثبت في "الصحيح" من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رقى المنبر فقال: "إن عبدًا خيّره اللَّه بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند اللَّه" فبكى أبو بكر -رضي اللَّه عنه- وقال: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا فعجبنا لبكائه أن يُخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن رجل خُيّر فكان المخيّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أبو بكر أعلمنا به (?)، وقال (?) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن أمَنَّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر، ولو كنت مُتّخذًا من [أهل] الأرض خليلًا لاتخذتُ أبا بكر خليلًا ولكن أخوةُ الإسلام ومودّته، لا يبقى (?) في المسجد باب إلا سُدَّ إلا باب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015