سبحانه (?) أخبر أنه جعلهم أمة [وسطًا أي] (?): خيارًا عدولًا (?)، هذا حقيقة الوسط، فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإرادتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شُهداء للرسل على أممهم يوم القيامة، واللَّه تعالى يَقْبل (?) شهادتهم عليهم، فهم شهداؤه، ولهذا نوّه بهم ورفع ذكرهم وأثنى عليهم؛ لأنه سبحانه لما اتخذهم شهداء أَعلَم خلقه من الملائكة وغيرهم بحال هؤلاء الشهداء، وأمر ملائكته أن تصلي عليهم وتدعو لهم وتستغفر لهم، والشاهد المقبول عند اللَّه هو الذي يشهد بعلم وصدق فيخبر بالحق مستندًا إلى علمه به كما قال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] فقد يخبر الإنسان بالحق اتفاقًا من غير علم به (?)، وقد يعلمه ولا يخبر به؛ فالشاهدُ المقبولُ عند اللَّه هو الذي يخبر به عن علم؛ فلو كان علمهم أن يفتي أحدهم بفتوى وتكون خطأً مخالفة لحكم اللَّه ورسوله ولا يفتي غيره بالحق الذي هو حكم اللَّه ورسوله إما مع اشتهار فتوى الأول أو بدون اشتهارها كانت هذه الأمة العدل الخيار قد أطبقت (?) على خلاف الحق، بل انقسموا قسمين قسمًا أفتى بالباطل وقسمًا سكت عن الحق، وهذا من المستحيل فإن الحق لا يعدوهم ويخرج عنهم إلى من بعدهم قطعًا ونحن نقول لمن (?) خالف أقوالهم: (لو كان خيرًا ما سبقونا إليه (?)) (?).

[هم المجتبون]

الوجه العاشر: [أن] (?) قوله تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (?) [الحج: 78]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015