الرابع: أن من خالفهم في الحكم الذي أفتوا به لا يكون متبعًا لهم أصلًا بدليل أن من خالف مجتهدًا [من المجتهدين] (?) في مسألة بعد اجتهاده (?) لا يصح أن يقال: "اتبعه"، وإن أطلق ذلك فلا بد من تقييده بأن يقال: اتبعه في الاستدلال والاجتهاد (?).

الخامس: أن الاتِّباع افتعال من اتبع، وكون الإنسان تابعًا لغيره نوع افتقار إليه ومشي خلفه، وكلُّ واحد من المجتهدين المستدلين ليس تبعًا للآخر ولا مفتقرًا إليه بمجرد ذلك (?) حتى يستشعر موافقته والانقياد له (?)، ولهذا لا يصح أن يقال لمن وافق رجلًا في اجتهاده أو فتواه اتفاقًا إنه متَّبعٌ له.

السادس: أن الآية قصد بها مدح السابقين والثناء عليهم، وبيان استحقاقهم أن يكونوا أئمة متبوعين، وبتقدير ألا يكون (?) قولهم موجبًا للموافقة ولا مانعًا من المخالفة -بل إنما يتبع القياس مثلًا- لا يكون لهم [هذا] (?) المنصب، ولا يستحقون هذا المدح والثناء (?).

السابع: أن من خالفهم في خصوص [الحكم فلم] (?) يتبعهم في ذلك الحكم ولا فيما استدلوا به على ذلك الحكم فلا يكون متبعًا لهم بمجرد مشاركتهم في صفة عامة، وهي مطلق الاستدلال والاجتهاد، ولا سيما وتلك الصفة العامة لا اختصاص لها به (?)؛ لأن ما ينفي الاتباع أخص مما يثبته، وإذا وجد الفارق الأخص والجامع الأعم -وكلاهما مؤثر- كان التفريق رعاية للفارق أولى (?) من الجمع رعاية للجامع.

وأما قوله: {بِإِحْسَانٍ} فليس المراد به أن يجتهد، وافق أو خالف؛ لأنه إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015