ولا يستثنى من هذا إلا كتاب "إعلام الموقعين" لابن القيم، و"الفتاوى" لشيخه ابن تيمية. فهما قد ربطا بين التأصيل والتدليل، وبين التطبيق، مع حسن الطبع، والإخراج نسبيًا".
واستعرض (ص 45 - 47) جهود المستشرقين في نشر كتب (الحيل) التراثية (?)، ثم قال (ص 47):
"لقد سبق لابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن نشرا كثيرًا من الحيل، ونشرا أدلة أصحابها بنصاعة ووضوح، خاصة ابن القيم الذي عرض أدلة أصحاب الحيل في قوة ونزاهة ونصاعة عبارة حتى لو وقف عندها القارئ غير المتفقه لآمن بأن الحيل من أصول التشريع الإسلامي قطعًا، ولكنهما، يشنان عليها حملة تفنيد ودحض لما لا يجوز منها، في نفس المستوى من القوة والتجرد ونصاعة العبارة وصلابة الحجة، هي في الحقيقة صلابة الحق والجد والبناء، لا الباطل واللعب والهزل والتخريب".
ووصف (ص 159) جهد ابن القيم في موضوع (الحيل) بأنه "جهد عقلي خصب" وقال (ص 163) بعد كلام: "رحم اللَّه ابن القيم، فكأنه يتحدث عن زماننا، وما انتشر فيه من مفاسد وجرائم بمجرد تبديل الأسماء" وقال (ص 164): "هكذا يصور ابن القيم مفاسد عصره المتولدة عن حيل النفوس المريضة المتذرعة بالذرائع الفاسدة والحيل المرفوضة، فإذا هو رحمه اللَّه يعفينا من تصوير مفاسد عصرنا، التي هي بعينها، هان اختلفت الصور أحيانًا، والمظاهر والطرق والوسائل أحيانًا أُخرى" وقال (ص 198): "أسلوب ابن القيم أسلوب طلق واضح ومشرق".
والأمثلة على استفادة المعاصرين من كتابنا كثيرة، ولكن الذي يذكر أيضًا أن بعضهم انتقد بعض مسائله، كالبوطي (?)، والجيدي (?)، وسبق (?) نقل كلامهما، والإيماء إلى ما فيه.