وإعمال لغرض الجاني المتحيل وتصحيح له، ثم إن ذلك جناية على حق اللَّه وحق العبيد؛ فهو إضاعة للحقين وتفويت لهما.
وكذلك الشارع شَرَعَ حدود الجرائم التي تتقاضاها الطباع أشَدَّ تَقاضٍ لما في إهمال عقوباتها من مفاسد الدنيا والآخرة، بحيث لا يمكن سياسة ملكٍ ما من الملوك أن يخلو من عقوباتها ألبتة، ولا يقوم ملكه بذلك، فالإذن في التحيل لإسقاطها بصورة العقد وغيره مع وجود تلك المفاسد بعينها أو أعظم منها نَقْضٌ وإبطال لمقصود الشارع، وتصحيح لمقصود الجاني، وإغراء بالمفاسد، وتسليط للنفوس على الشر.
وياللَّه العجب! كيف يجتمع في الشريعة تحريم الزنا والمبالغة في المنع منه وقتل فاعله شر القتلات وأقبحها وأشنعها وأشهرها ثم يسقط بالتحيل عليه بأن يستأجرها لذلك أو لغيره ثم يقضي غرضه منها؟ وهل يعجز عن ذلك زانٍ أبدًا؟ وهل في طباع وُلاة الأمران يقبلوا قول الزاني: أنا استأجرتها للزنا، أو استأجرتها لتَطويَ ثيابي ثم قضيت غرضي منها (?)، فلا يحل لك أن