إليه، فإذا اجتمع القصد والدلالة القولية أو الفعلية ترتَّب الحكم. هذه قاعدة الشريعة، وهي من مقتضيات عدل اللَّه وحكمته ورحمته، فإن خواطر القلوب وإرادة النفوس لا تدخل تحت الاختيار، فلو ترتبت عليها الأحكام لكان في ذلك أعظم حَرَج ومشقة على الأمة، ورحمةُ اللَّه تعالى وحكمته تأبى ذلك.
والغلط والنسيان والسهو وسَبْقُ اللسان بما لا يريده العبدُ بل يريد خلافه والتكلم به مكرهًا وغير عارف لمقتضاه من لوازم البشرية لا يكاد ينفك الإنسان من شيء منه؛ فلو رتب عليه الحكم لحرجت الأمة وأصابها غاية التعب (?) والمشقة؛ فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله حتى الخطأ في اللفظ من شدة الفرح والغضب والسكر كما تقدمت شواهده، وكذلك الخطأ والنسيان والإكراه والجهل بالمعنى وسبق اللسان بما لم يرده والتكلم في الإغلاق ولَغْو اليمين؛ فهذه عشرة أشياء لا يؤاخذ اللَّه بها عبدَه بالتكلّم في حال منها؛ لعدم قصده وعقد قلبه الذي يؤاخذه به.