السنة أحْسنَ أن يقول شيئًا له وجه، ولكنه يخالفها ويعتلُّ بما لا وجه له، كأنه يرى أن اليهودية والنصرانية لا تكون إلا بإتيان الكنائس، أرأيت إن كانوا ببلاد لا كنائس فيها أما يصلّون في بيوتهم فتخفى صلاتهم على غيرهم؟ قال: وما وصفت من حكم اللَّه ثم حكم رسوله في المتلاعنين يبطل حكم الدلالة التي هي أقوى من الذرائع، وإذا بطل الأقوى من الدلائل بطل الأضعف من الذرائع كلها، وبطل الحد في التعريض بالقذف، فإن من الناس مَنْ يقول: إذا تشاتَمَ الرجلان فقال أحدهما: "ما أنا بزانٍ ولا أمي بزانية" حُدَّ؛ لأنه إذا قاله على المشاتمة (?) فالأغلب أنه إنما يريد به قذف الذي يُشاتم وأمَّه، وإن قاله على غير المشاتمة لم أحُدَّه إذا قال: "لم أرد القذف" مع إبطال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حكم التعريض في حديث الفَزَاري الذي ولدت امرأته غلامًا أسود (?)، فإن قال قائل: فإن عمر حدَّ في التعريض في مثل هذا (?)، قيل: استشار أصحابه، فخالفه بعضُهم، ومع مَنْ خالفه ما وصفنا من الدلالة (?)، ويَبْطُل مِثْلُه قول الرجل لامرأته: "أنت طالق البتة" لأن الطلاق إيقاعُ طلاقِ ظاهر، والبتة تحتملُ زيادةً في عدد الطلاق وغير زيادة، والقول قوله في الذي يحتمل غير الظاهر، حتى لا يحكم عليه أبدًا إلا بظاهر، ويجعل القول قوله في الذي يحتمل غير الظاهر، فهذا يدل على أنه لا يفسد عقدٌ إلا بالعقد نفسه، ولا يفسد بشيء تقدَّمه ولا تأخَّره، ولا بتوهم، ولا بالأغلب، وكذلك كل شيء لا يفسد إلا بعقده، ولا تفسد البيوع بأن يقول: هذه ذَرِيعة، وهذه نية سوء، ولو كان أن يبطل البيوع بأن تكون ذريعة إلى الربا كان اليقين في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015