وقال أبو حنيفة (?) والشافعي (?): لا يكون تلجئة حتى يقولا في العقد: "قد تبايعنا هذا العقد تلجئة"، ومأخذ مَنْ أبطله أنَهما لم يقصدا العقد حقيقة، والقَصْدُ معتبرٌ في صحته، ومأخذ من يصحّحه أن هذا شرط مقَدَّمٌ على العقد، والمؤثِّر في العقد إنما هو الشرط المقارنُ. والأوَّلون منهم مَنْ يمنع المقدمة الأولى ويقول: لا فرق بين الشرط المتقدم والمقارن، ومنهم من يقول: إنما ذلك في الشرط الزائد على العقد، بخلاف الرافع له فإن الشارط (?) هنا يجعلُ العقدَ غيرَ مقصود، وهناك هو مقصود، وقد أطلق عن شرط مقارن (?).

[صورة رابعة]

الصورة الرابعة: أن يُظهِرَا نكاحًا تلجئة (?) لا حقيقة له؛ فاختلف الفقهاء في ذلك؛ فقال القاضي وغيره من الأصحاب: إنه صحيحٌ كنكاح الهازل؛ لأن أكثر ما فيه أنه غير قاصد للعقد، بل هازل به، ونكاح الهازل صحيح، قال شيخنا (?): "ويؤيِّد هذا أن المشهور عندنا أنه لو شرط في العقد رَفْعَ موجبَه -مثل أن يشترط أنه لا (?) يطأها أو أنها لا تحلُّ له أو أنه لا ينفقُ عليها ونحو ذلك- صَحَّ العقدُ دون الشرط؛ فالاتّفاق على التلجئة حقيقتُهُ أنهما اتفقا على أن يعقدا عقدًا لا يقتضي موجَبَه، وهذا لا يبطله".

قال شيخنا (?): "ويتخرَّج في نكاح التلجئة أنه باطلٌ أن الاتفاق الموجود قبل العقد بمنزلة المشروط في العقد في أظهر الطَّريقين لأصحابنا، ولو شرطا (?) في العقد أنه نكاح تلجئة لا حقيقة لكان نكاحًا باطلًا، وإن قيل إن فيه خلافًا فإن أسوأ الأحوال أن يكون كَمَا لو شَرَطا أنها لا تحلُّ له، وهذا الشرط يفسد العقد على الخلاف المشهور".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015