فإن قيل: فما تقولون فيما لو تجمَّلوا وجعلوه حالًا، وقد اتفقوا [في الباطن] (?) على تأخيره كصدقات النساء في هذه الأزمنة في الغالب: هل للمرأة أن تطالب به قبل الفرقة أو الموت؟
قيل: هذا ينبني على أصل، وهو إذا اتفقا في السر على مهر وسموا في العلانية أكثر منه، هل يؤخذ بالسر أو بالعلانية؟ فهذه المسألة مما اضطربت فيها أقوال المتأخرين؛ لعدم إحاطتهم بمقاصد الأئمة، ولا بد من كشف غطائها، ولها في الأصل صورتان:
إحداهما: أن يعقدوه في العلانية بألفَيْن مثلًا، وقد اتفقوا قبل ذلك أن المهر ألف وأن الزيادة سمعة، من غير أن يعقدوه [في العلانية] (?) بالأقل؛ فالذي عليه القاضي ومَنْ بعده من أصحاب أحمد أن المهر هو المسمّى في العقد، ولا اعتبار بما اتفقوا عليه قبل ذلك، هان قامت به البينة أو تصادقوا عليه، وسواء كان مهر العلانية من جنس مهر السر أو من جنس غيره أو أقل منه أو أكثر، قالوا: وهو ظاهرُ كلام أحمد في مواضع، قال في رواية ابن بدينا في الرجل (?) يصدق صداقًا