وأما ما ذكرْتَ مِنْ مُقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه [وآله] (?) وسلم بالمدينة، ونزولِ القرآن [بها] (?) عليه بين ظَهْرَي أصحابه، وما علَّمهم اللَّه منه، وأن الناس صاروا به تبَعًا لهم فيه، فكما ذكَرت.

وأما ما ذكرتَ من قول اللَّه تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا (?) الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة: 100] فإن كثيرًا من أولئك السابقين الأولين خَرَجُوا إلى الجهاد في سبيل اللَّه ابتغاءَ مرضاة اللَّه فجنَّدُوا الأجنادَ، واجتمع إليهم الناسُ فأظهروا بين ظَهْرَانَيْهمِ كتابَ اللَّه وسنَّةَ نبيه (?) ولم يكْتُمُوهم شيئًا عَلِموه.

وكان في كلِّ جُند منهم طائفة يُعلِّمون -[للَّه] (?) - كتاب اللَّه وسنة نبيه ويجتهدون برأيهم فيما لم يُفَسِّره لهم القرآنُ والسنةُ، ويقوِّمُهُم (?) عليه أبو بكر وعمر وعثمان الذين اختارَهم المسلمون لأنفسهم.

ولم يكن أولئك الثلاثة مضيِّعين لأجناد المسلمين ولا غافلين عنهم، بل كانوا يكتبون [لأجنادهم] (?) في الأمر اليسير لإقامة الدين والحَذَر من الاختلاف بكتاب اللَّه وسنة نبيه، فلم يتركوا أمرًا فسَّرهُ القرآن أو عمل به النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أو ائتمروا فيه بعده إلا أعْلَمُوهُمُوهُ.

فإذا جاء أمرٌ عمل (?) فيه أصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمصرَ والشَّامِ والعراقِ على عهد أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يزالوا عليه حتى قُبِضُوا لم يأمُرُوهم بغيره، فلا نراهُ يجوزُ لأجناد المسلمين أن يُحْدِثوا اليوم أمرًا لم يعمل به سَلَفُهم من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين لهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015