حصَّلته من جوابه بخطّه ولفظه، وما فتح اللَّه سبحانه لي بيُمن إرشاده، وبركة تعليمه، وحسن بيانه وتفهيمه". وقال في (3/ 158) بعد كلام: "وهذا مما حصّلته عن شيخ الإسلام -قدس اللَّه روحه- وقت القراءة عليه، وهذه كانت طريقته، وإنما يقرر أن القياس الصحيح هو ما دل عليه النص، وأنَّ من خالف النص للقياس فقد وقع في مخالفة القياس والنص معًا".
قلت: فهذا المبحث إذن عند مصنفنا وهو في أصوله من بركات وحسنات شيخه ابن تيمية، ولذا قال محمد بن أحمد الفتوحي، الشهير بـ (ابن النجار) (ت 972 هـ) في كتابه النافع "شرح الكوكب المنير" (4/ 225): "وقد ذكر الشيخ تقي الدين -وتبعه ابن القيم- أنه ليس في الشريعة ما يخالف القياس، وما لا يُعقل معناه، وبيّنَا ذلك بما لا مزيد عليه".
وظفرت بنحوه للمرداوي (ت 885 هـ)، قال في "التحبير في شرح التحرير" (7/ 3539): "قلت: قد ذكر الشيخ تقي الدين وتبعه ابن القيم في "إعلام الموقعين" أنه ليس في الشريعة ما يخالف القياس ولا ما لا يعقل معناه، وبيَّنوا ذلك بما لا مزيد عليه، واللَّه أعلم".
ولخَّص العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في رسالته المسّماة: "الاقتباس لمعرفة الحق من أنواع القياس" كلام ابن القيم هذا، وتصرف فيه، ولم يخرج عنه، وإن لم يصرح بالنقل عن ابن القيم فيها، إلا أن اسمها "الاقتباس" يدلل على ذلك، وكذلك قوله في آخرها (ص 53): "انتهى ما أردتُ نقله، وتقريبه للناظرين، وتحقيقاته للمتناظرين، وبيان طرق القايسين، وشعب الطرق بهم ذات الشمال وذات اليمين، فمن حقق ما قربناه، وكرر النظر فيما سُقناه؛ اتضح له ما كان خفيًّا، وصار بعد ذلك أمرًا جليًا، بنشرنا ما كان مجملًا ومطويًا" وصدق رحمه اللَّه فيما قال.
وكانت هذه المباحث البديعة التي لا تكاد تجدها في غير كتابنا هذا استطرادًا عند شرح ابن القيم كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء (?).
وهذا الكتاب مهمٌّ، وله موقعٌ بارزٌ في "إعلام الموقعين" وأخذ شرحُه مساحة