علمت أن هذا العذر يصيبها أو غلب على ظنّها أنْ يسقط عنها فرض الحج فهو رجوع إلى التقدير الرابع.
وأما التقدير السابع -وهو أن يقال: يجب عليها أن تستنيبَ مَنْ يحجُّ عنها إذا خافت الحيض، وتكون كالمَعْضُوب (?) العاجز عن الحج بنفسه- فما أحسنه من تقدير لو عرف به قائل؛ فإن هذه عاجزة عن إتمام نسكها، ولكن هو باطل أيضًا؛ فإن المَعْضُوب (1) الذي يجب عليه الاستنابة هو الذي يكون آيسًا من زوال عذره، فلو كان يرجو زوال عذره كالمرض العارض والحبس لم يكن له أن يستنيب، وهذه لا تيأس من زوال عذرها؛ لجواز أن تبقى إلى زمن اليأس وانقطاع الدم أو أن دمها ينقطع قبل سن اليأس لعالرض بفعلها أو بغير فعلها؛ فليست كالمَعْضُوب (?) حقيقة ولا حكمًا.
فإذا بطلت هذه التقديرات تعيّن التقدير الثامن، وهو أن يُقال: تطوف بالبيت والحالة هذه، وتكون هذه ضرورة (?) مقتضية لدخول المسجد مع الحَيْض والطواف معه، وليس في هذا ما يخالف قواعد الشريعة، بل يوافقها كما تقدم؛ إذ غايته سقوط الواجب أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجب في الشريعة مع عَجْز، ولا حرام مع ضرورة.
فإن قيل: في ذلك محذوران:
أحدهما: دخول الحائض المسجد، وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أحِلُّ المسجدَ لحائض ولا جُنُبٍ" (?)، فكيف بأفضل المساجد؟