ولا أعلم شيئًا يدفع هذه السنن (?) والآثار مع صحتها وكثرتها غير رأي فاسد، وهو أن نِعَمَ اللَّه سبحانه وتعالى لا تزال واصلة إلى عبده، فلا معنى لتخصيص بعضها بالسجود، وهذا من أفسد رأي وأبطله.

[نوعا النعم الإلهية]

فإن النعم نوعان: مستمرة، ومتجدّدة، فالمستمرة شكرها بالعبادات والطاعات، والمتجددة شرع لها سجود الشكر، شكرًا للَّه عليها، وخضوعًا له، وذلًّا، في مقابلة فرحة النعم وانبساط النفس لها، وذلك من أكبر أدوائها، فإن اللَّه سبحانه لا يُحبُّ الفَرِحين ولا الأَشِرين، فكان دواء هذا الداء الخضوع والذل والانكسار لرب العالمين، وكان في سجود الشكر من تحصيل هذا المقصود ما ليس في غيره. ونظير هذا السجود عند الآيات (?) التي يُخوّف اللَّه بها عباده كما في الحديث: "إذا رأيتم آية فاسجدوا" (?)، وقد فزع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عند رؤية انكساف الشمس إلى الصلاة، وأمر بالفَزَع إلى ذكره (?)، ومعلوم أن آياته [تعالى] (?) لم تزل مشاهدة معلومة بالحسّ والعقل، ولكن تجدّدها يحدث للنفوس (?) من الرهبة والفزع إلى اللَّه ما لا تحدثه الآيات المستمرة، فتجدُّد هذه النعم في اقتضائها لسجود الشكر كتجدّد تلك الآيات في اقتضائها للفزع إلى السجود والصلاة (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015