ذلك الوقت تحريمًا له وسدًا للذريعة (?)، وهذا بخلاف من ابتدأ الصلاة قبل طلوع الشمس؛ فإن الكفار حينئذ لا يسجدون لها، بل ينتظرون بسجودهم طلوعها فكيف يُقال: تبطل صلاة من ابتدأها في وقت تام لا يسجد فيه الكفار للشمس وتصح صلاة من ابتدأها وقت سجود الكفار للشمس سواء، وهو الوقت الذي تكون فيه بين قرني الشيطان فإنه حينئذ يقارنها ليقع السجود له كما يقارنها وقت الطلوع ليقع السجود له؟ فإذا كان ابتداؤها وقت مقارنة الشيطان لها غير مانع من صحتها فلأن تكون استدامتها وقت مقارنة الشيطان غير مانع من الصحة بطريق الأولى والأحرى، فإن كان في الدنيا قياس صحيح فهذا من أصحّه؛ فقد تبيّن أنَّ الصورة التي خالفتم فيها النص أولى بالجواز قياسًا من الصورة التي وافقتموه فيها.
وهذا مما حصّلته عن شيخ الإسلام -قدس اللَّه روحه- وقت القراءة عليه، وهذه كانت طريقته، وإنما يقرّر أن القياس الصحيح هو ما دلّ عليه النص، وأن من خالف النص للقياس فقد وقع في مخالفة القياس والنص معًا (?)، وباللَّه التوفيق.
ومن العجب أنهم قالوا: لو صلَّى ركعة من العصر ثم غربت الشمس صحت صلاته وكان مدركًا لها؛ لقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" (3)، وهذا شطر الحديث، وشطره الثاني: "ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر" (?).
المثال التاسع والعشرون: رد السنة الثابتة المحكمة الصريحة في دفع اللقطة إلى من وَصف عِفاصَها (?)، ووِعَاءها ووِكَاءَها (?)، وقالوا: هو مخالف للأصول،