والبر والتقوى، ونهى عن الظُلم والفَواحِش والعدوان والإثم، وأباح لنا الطيِّبات، وحَرَّم علينا الخبائث؛ فكل ما جاءت به السنة فإنها (?) تفصيلٌ لهذا المأمور به والمنهي عنه، والذي أُحلّ لنا و [الذي] (?) حُرِّم علينا (?).

وهذا يتبين بالمثال التاسع عشر: وهو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر في حديث النُّعمان بن بَشير أن نَعْدل بين الأولاد في العطيّة فقال: "اتقوا اللَّه واعْدِلوا بين أوْلَادِكم" (?).

وفي الحديث: "إني لا أَشهدُ على جَوْر" (?)، فسمَّاه جورًا، وقال: "إن هذا لا يصلُح" (?)، وقال: "شْهِد على هذا غَيْري" (?) تهديدًا له وإلّا فمن الذي يطيب قلبه من المسلمين أن يَشْهَد على ما حكم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه جور، وأنه لا يصلح وأنه خلاف (?) تقوى اللَّه وأنه خلاف العدل؟ وهذا الحديث من تفاصيل العدل الذي أمر اللَّه به في كتابه، وقامت به السمواتُ والأرضُ، وأسّست (?) عليه الشريعة؛ فهو أشدُّ موافقة للقرآن من كل قياس على وجه الأرض، وهو محكم الدلالة غاية الإحكام، فردّ بالمتشابه من قوله: "كلُّ أحدٍ أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين" (?)، فكونه أحقّ به يقتضي جواز تصرُّفه فيه كما يشاء وبقياسٍ متشابه على إعطاء الأجانب، ومن المعلوم بالضرورة أنَّ هذا المتشابه من العموم والقياس لا يُقاوم هذا المحكم المبيَّن غاية البيان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015