5]، وقوله: "وإنما لامرئ ما نوى" (?) وهذا لم ينو رفع الحَدَث فلا يكون له بالنص؛ فردوا هذا بالمتشابه من قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] ولم يأمر بالنية، قالوا: فلو أوجبناها بالسنة لكان زيادة على نص القرآن فيكون نسخًا، والسنة لا تنسخ القرآن؛ فهذه ثلاث مقدمات:
إحداها: أن القرآن لم يوجب النية.
الثانية: أن إيجاب السنة لها نسخ للقرآن.
الثالثة: أن نسخ القرآن بالسنة لا يجوز.
وبنوا على هذه المقدمات إسقاط كثير مما صَرَّحت السنة بإيجابه كقراءة الفاتحة والطمأنينة وتعيين التكبير للدخول في الصلاة والتسليم للخروج منها.
ولا يُتصوَّر صِدْق المقدِّمات الثلاث (?) في موضع واحد أصلًا، بل إما أن تكون كلها كاذبة أو بعضه؛ فأما آية الوضوء فالقرآن قد نبَّه على أنه لم يكتف من طاعات عباده إلا بما أخلصوا له فيه الدين، فمن لم ينو التقرب إليه جملة لم يكن ما أتى به طاعة ألبتة؛ فلا يكون معتدًا به (2)، مع أن قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] إنما يَفهم المخاطب منه غسل الوجه وما بعده لأجل الصلاة كما يفهم من قوله: "إذا واجهت الأمير فترجل، وإذا دخل الشتاء فاشتر الفرو" (?) ونحو (?) ذلك؛ فإن لم يكن القرآن قد دل على النية ودلت عليها السنة لم يكن وجوبها ناسخًا للقرآن وإن كان زائدًا عليه، ولو كان كل ما أوجبته السنة ولم يوجبه القرآن نسخًا له لبطلت أكثر سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ودفع في صدورها