إليه شهرًا فأفتاهم برأيه ثم بَلَغه النص بمثل ما أفتى به (?).

[ما خفي على غير الصحابة أكثر مما يخفى على الصحابة]

وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سِفرًا كبيرًا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما خفي ذلك على سادات الأمة أولًا؟ فإن قالوا: "لا يخفى عليه" وقد خفي على الصحابة مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مُدّعِي العصمة في الأئمة، وإن قالوا: "بل يجوز أن يخفى عليهم" وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، [قلنا] (?): فنحن نناشدكم اللَّه الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى اللَّه ورسوله أمرًا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه اللَّه ورسوله عينًا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابًا، وللجواب صوابًا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي مَنَعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد؟

[بطلان دعوى المقلدة]

الوجه الثاني: أن قولكم: "صواب المقلد في تقليده لمن هو أعلم منه أقرب من صوابه في اجتهاده" دعوى باطلة؛ فإنه إذا قلد من قد خالَفه غيرُه ممن هو نظيره أو أعلم منه لم يدر على صوابٍ هو من تقليدِه أم على خطأ، بل هو -كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015