والأقارير إلى التقليد في الفتوى؟ والمُخبر بهذه الأمور يخبر عن أمر حسي طريق العلم به إدراكه بالحواس والمشاعر الظاهرة والباطنة، وقد أمر اللَّه سبحانه بقبول خبر المُخبر به إذا كان ظاهرَ الصِّدق والعدالة. وطرد هذا ونظيره قبول خبر المخبر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه قال أو فعل، وقبول خبر المخبر (?) عمَّن أخبر عنه بذلك، وهلم جرًا؛ فهذا حق لا ينازع فيه أحد.
وأما تقليد الرجل فيما يُخبر به عن ظنه فليس فيه أكثر من العلم بأن ذلك ظنه واجتهاده؛ فتقليدنا له في ذلك بمنزلة تقليدنا له فيما يُخبر به عن رؤيته وسماعه وإدراكه، فأين في هذا ما يُوجب علينا أو يُسوِّغ لنا أن نفتي بذلك أو نحكَم به وندين اللَّه به، ونقول: هذا هو الحق وما خالفه باطل، ونترك له نصوص القرآن والسنة وآثار الصحابة وأقوال من عَدَاه من جميع أهل العلم؟!!
ومن هذا الباب تقليد الأعمى في القبلة ودخول الوقت لغيره. وقد كان ابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يُقلِّد غيره في طلوع الفجر، ويُقال له: أصبحتَ أصبحت (?)، وكذلك تقليد الناس للمؤذن في دخول الوقت، وتقليد مَنْ في المطمورة (?) لمن يُعْلِمه بأَوقات الصلاة والفطر والصوم ونحو ذلك (?)، ومن ذلك التقليد في قبول الترجمة والرسالة (?) والتعريف والتعديل والجرح، كُلُّ هذا من باب الأخبار التي أمر اللَّه بقبول المُخبر بها إذا كان عدلًا صادقًا، وقد أجمع الناس على قبول خبر الواحد في الهديَّة وإدخال الزوجة على زوجها، وقبول خبر المرأة ذمِّية كانت أو مسلمة في انقطاع دم حيضها لوقته وجواز وطئها وإنكاحها بذلك، وليس هذا تقليدًا في الفتيا والحكم، وإن (?) كان تقليدًا لها فإن اللَّه سبحانه شَرَع لنا أن نقبل قولها ونقلدها فيه، ولم يشرع لنا أن نتلقى أحكامه عن غير رسوله فضلًا عن أن نترك سنة رسوله لقول واحد من أهل العلم ونقدم قوله على قول من عداه من الأمة.
الوجه الحادي والستون: قولكم: "وأجمعوا على جواز شراء اللُّحمان