وقد قام عبد اللَّه بن مسعود: ما أعلمُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك بعده أعلم بما أنزل اللَّه من هذا القائم، فقال أبو موسى: لقد كان يَشْهد إذا غبنا (?)، ويُؤْذن له إذا حُجبنا (?)، وكتب عمر -رضي اللَّه عنه- إلى أهل الكوفة: إني بعثت إليكم عَمَّارًا أميرًا وعبد اللَّه معلمًا ووزيرًا، وهما من النُّجباء من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أهل بدر، فخذوا عنهما، واقتدوا بهما؛ فإني آثرتكم بعبد اللَّه على نفسي (?)، وقد صح عن عمر أنه استفتى ابن مسعود في "ألبتَّة" وأخذ بقوله (?)، ولم يكن ذلك تقليدًا له، بل لمّا سمع قوله فيما تبيَّن له أنه الصواب؛ فهذا هو الذي كان يأخذ به الصحابة من أقوال بعضهم بعضًا، وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: اغْدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تكونن إمّعة (?)، فأخرج الإمّعة -وهو المقلد- من زُمرة العلماء والمتعلمين، وهو كما قال -رضي اللَّه عنه-؛ فإنه لا مع العلماء ولا مع المتعلمين للعِلْم والحجة، كما هو معروف ظاهر لمن تأمله.

[لم يكن الصحابة يقلد بعضهم بعضًا]

الوجه التاسع والثلاثون: قولهم: إن عبد اللَّه كان يدع قوله لقول عمر، وأبو موسى كان يدع قوله لقول علي، وزيد يدع قوله لقول أبي بن كعب (?)، فجوابه أنهم لم يكونوا يدَعون ما يعرفون من السنة تقليدًا لهؤلاء الثلاثة كما تفعله فرقةُ التقليد، بل من تأمَّل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015