الوجه السابع والثلاثون: قولهم إن عمر قال لأَبي بكر: رأُينا لرأيك تَبَعٌ؛ فالظاهر أن المحتج بهذا سمع الناس يقولون كلمة تكفي العاقل فاقتصر من الحديث على هذه الكلمة، واكتفى بها، والحديث من أعظم الأشياء إبطالًا لقوله: ففي "صحيح البخاري" عن طارق بن شهاب قال: جاء وفْدُ بزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألون الصلح، فخيَّرهم بين الحرب المُجْلية (?) والسِّلم المخزية (?)، فقالوا: هذه المجلية قد عرفناها فما المخزية؟ قال: ننزع منكم الحلقة والكُراع (?)، ونغنم ما أصبنا لكم، وتردّون علينا (?) ما أصبتم منا، وتدون لنا قتْلانا، وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقوامًا يتبعون أذناب الإبل حتى يُرِيَ اللَّه خليفة رسوله والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به، فَعَرَضَ أبو بكر ما قال على القوم، فقام عمر بن الخطاب فقال: قد رأيت رأيًا سنشير عليك: أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وما ذكرت من أن نَغنَم ما أصبنا منكم وتردُّون ما أصبتم مِنَّا فنعمَ ما ذكرت، وأما ما ذكرت من [أن] (?) تدُون قتلانا وتكون قتلاكم في النار؛ فإن قَتْلانا قَاتَلت فقُتلت على ما أمر اللَّه أجورها على اللَّه ليس لها دِيَّات، فتتابع القوم على ما قال عمر، فهذا هو الحديث الذي في بعض ألفاظه: "قد رأيت رأيًا ورأينا لرأيك تبع" (?) فأي مستراحٍ في هذا لفرقة التقليد؟