وروى هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم في قوله: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: 55] قال: بالعلم (?)، وإذا كان المقلِّد ليس من العلماء باتفاق العلماء لم يدخل في شيء من هذه النصوص، وباللَّه التوفيق.
وقد نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم، وذَمّوا من أخذ أقوالهم بغير حجة؛ فقال الشافعي: مَثَلُ الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري، ذكره البيهقي (?).
وقال إسماعيل بن يحيى المزني في أول "مختصره" (?): اختصرت هذا من علم الشافعي، ومن معنى قوله، لأقربه على من أراده، مع إعْلامِيَّة نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحدًا من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه فخذ به، ثم التابعين (?) بعدُ الرجلُ فيه مخيَّر (?).
وقد فرق أحمد بين التقليد والاتباع فقال أبو داود: سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه، ثم هو بَعدُ في التابعين مخيَّر (?). وقال أيضًا: لا تقلِّدني ولا تقلد مالكًا ولا الثوري ولا الأوزاعي، وخذ من حيث أخذوا (?).