وقلَّة علمي يحملني على التقليد؛ قيل له: أما من قلَّد فيما يَنزلُ به من أحكام شريعته عالمًا يتفق له على علمه فيصدر في ذلك عما يُخبرُ به (?) فمعذور؛ لأنه قد أتى (?) ما عليه، وأدَّى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم (?) فيما جهله؛ لإجماع المسلمين أن المكفوف يُقلِّد من يثق بخبره في القبلة لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك، ولكن مَنْ كانت هذه حاله هل تجوزُ له الفُتْيا في شرائع دين اللَّه فيحمل غيره على إباحة الفروج وإراقة الدماء واسترقاق الرقاب وإزالة الأملاك ويُصيِّرها (?) إلى غير مَنْ كانت في يديه (?) بقولٍ لا يعرفُ صحته ولا قام له الدليل عليه، وهو مقر أن قائله يخطئ ويصيب، وأن مخالفه في ذلك ربما كان المصيب فيما يخالفه فيه؟ فإن أجاز الفتوى لمن جَهِلَ الأصل والمعنى لحفظه الفروع لزمه أن يُجيزَه للعامة، وكفى بهذا جهلًا وردًا للقرآن، قال (?) اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقال: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يونس: 68] وقد أجمع العلماء على أن ما لم يُتبيَّن ولم يُستيقَن (?) فليس بعلم، وإنما هو ظن، والظن لا يغني من الحق شيئًا. ثم ذكر حديث ابن عباس: "من أفتى بفُتيا وهو يَعمى عنها كان إثمها عليه" موقوفًا ومرفوعًا (?)، قال: وثبت (?) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إيّاكم والظن فإن الظن أكذبُ الحديث" (?).