وهذا من فهمه وفطنته رحمه اللَّه، وفي ذلك فوائد عديدة:

منها: أن المسألة تزداد وضوحًا وبيانًا بتفهم السؤال.

ومنها: أن السائل لعله أهمل فيها أمرًا يتغتر به الحكم فإذا أعادها رُبَّما بيَّنه له.

ومنها: أن المسؤول قد يكون ذاهلًا عند (?) السؤال أولًا، ثم يحضر ذهنه بعد ذلك.

ومنها: ربما بَان له تعنُّت السائل وأنه وضع المسألة؛ فإذا غَيَّر السؤال وزاد فيه ونقص فربما ظهر له أن المسألة لا حقيقة لها، وأنها من الأغلوطاتِ أو غيرِ الواقعات التي لا يجب الجواب عنها؛ فإن الجوابَ بالظنِّ يجوز عند الضرورة، فإذا وقعت المسألة صارت حال ضرورة فيكون التوفيق إلى الصّواب أقرب، واللَّه أعلم.

ذكر تفصيل القول في التقليد وانقسامه إلى ما يحرم القول فيه والإفتاء به، وإلى ما يجب المصير إليه، وإلى ما يسوغ من غير إيجاب

[أنواع ما يحرم القول به]

فأما النوع الأول فهو ثلاثة أنواع:

أحدهما: الإعراضُ عمَّا أنزل اللَّه وعدم الالتفات إليه اكتفاءً بتقليد الآباء.

الثاني: تقليدُ من لا يعلم المقلِّد أنه أهل [لأن] (?) يُؤخذ بقوله.

الثالث: التقليد بعد قيام الحجة وظهور الدليل على خلاف قول المقلَّد، والفرق بين هذا وبين النوع الأول أن الأول قَلَّدَ قبل تمكّنه من العلم والحجة، وهذا قَلَّدَ بعد ظهور الحجة له؛ فهو أولى بالذم ومعصية اللَّه ورسوله.

وقد ذم اللَّه سبحانه هذه الأنواع الثلاثة من التقليد في غير موضع من كتابه كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015