بها من أشرق فيه نور الشريعة وضياؤها، وباشر قلبه بشاشة حكمها وما اشتملت عليه من المصالح في القلوب والأبدان، وتلقّاها صافية من مشكاة النبوة، وأَحْكم العقد بينها وبين الأسماء والصفات التي لم يطمس نورَ حقائقها ظلمةُ التأويل والتحريف.
وأما جمعها بين الماء والتراب في التطهير فلله ما أحسنه من جمع، وألطفه وألصقه بالعقول السليمة والفطر المستقيمة؛ وقد عقد اللَّه سبحانه الإخاء بين الماء والتراب قدرًا وشرعًا؛ فجمعهما اللَّه عز وجل وخلق منهما آدم وذريته، فكانا أبوين اثنين لأبوينا (?) وأولادهما؛ وجعل منهما حياة كل حيوان، وأخرج منهما أقوات الدواب والناس والأنعام، وكانا أعمّ الأشياء وجودًا، وأسهلها تناولًا، وكان تعفير الوجه في التراب للَّه سبحانه من أحب الأشياء إليه، ولما كان عقد هذه الأخوة بينهما قدرًا أحكم عقدٍ وأقواه كان عقد الأخوة بينهما شرعًا أحسن عقد وأصحه، {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية: 36 - 37].
فهذا ما يتعلق بقول أمير المؤمنين -رضي اللَّه عنه-: "واعْرفِ الأشباه والنظائر" وفي لفظ: "واعْرف الأمثال، ثم اعمد (?) فيما ترى إلى أحبِّها إلى اللَّه وأشبهها بالحق" فلنرجع إلى شرح باقي كتابه (?).
ثم قال: "وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذّي بالناس، والتنكُّر عند الخصومة، أو الخصوم -شك أبو عبيد- فإن القضاءَ في مواطن الحق مما يُوجب اللَّه به الأجر، ويُحسن به الذكر" (?).
وهذا الكلام يتضمن أمرين: