فإنه سَفَهٌ وإضاعة للصنعة (?). والشارع أحكم من أن يُلْزم الأُمَّة بذلك، فالشريعة لا تأتي به، ولا تأتي بالمنع من بيع ذلك وشرائه لحاجة الناس إلى ذلك (?)؛ فلم يبق إلا أن يُقال: لا يجوز بيعها بجنسها ألبتَّة، بل يبيعها بجنس آخر، وفي هذا (?) من الحرج والعُسْر والمشقة ما تتقيه (?) الشريعة؛ فإن أكثر الناس ليس عندهم ذهب يشترون به ما يحتاجون إليه من ذلك، والبائعُ لا يسمحُ ببيعه ببُر وشعير وثياب؛ وتكليف الاستنصاع لكل من احتاج إليه إما متعذر أو متعسر، والحِيَلُ باطلة في الشرع وقد جوز الشارع بيع الرطب بالتمر لشهوة الرطب (?)، وأين هذا من الحاجة إلى بيع المصوغ الذي تدعو الحاجة إلى بيعه وشرائه؛ فلم يبق إلا جواز بيعه كما تُباع السلع؛ فلو لم يجز بيعه بالدراهم فسدت مصالح الناس، والنصوص الواردة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيها ما هو صريح في المنع، وغايتها أن تكون عامة أو مطلقة، ولا ننكر تخصيص العام وتقييد المطلق بالقياس الجلي، وهي بمنزلة نصوص وجوب الزكاة في الذهب والفضة، والجمهور يقولون: لم تدخل في ذلك الحلية، ولا سيما فإن لفظ النصوص في الموضعين قد ذكر تارة بلفظ الدراهم والدنانير كقوله: "الدرهم بالدرهم، والدينار بالدينار" (?) وفي الزكاة قوله: "وفي الرِّقَةِ رُبْع العشر" (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015