بالشركة في الملك أو أقرب إليه، ورفعه مصلحة للشريك من غير مضرة على البائع ولا على المشتري؛ فالمعنى الذي وجبت لأجله شفعة الخلطة في الملك موجود في الخلطة في حقوقه؛ فهذا المذهب أوسط المذاهب، وأجمعها للأدلة، وأقربها إلى العدل، وعليه يحمل الاختلاف عن عمر -رضي اللَّه عنه-؛ فحيث قال: "لا شُفعةَ" ففيما إذا وَقعتِ الحدود وصُرِفت الطرق، وحيث أثبتها ففيما إذا لم تصرف الطرق، فإنه قد روي عنه هذا وهذا (?)، وكذلك ما روي عن علي (?)، فإنه قال: "إذا حدت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة" (?) وَمن تأمَّل أحاديث شفعة الجوار رآها صريحة في ذلك، وتَبيَّن له بطلان حملها على الشريك وعلى حق الجوار غير الشفعة، وباللَّه التوفيق.

[اعتراض]

فإن قيل: بقي عليكم أن في حديث جابر وأبي هريرة: "فإذا وقعت الحدود فلا شفعة" (?) فأسقط الشُّفعةَ بمجرد وقوع الحدود، وعند أرباب هذا القول إذا حصل الاشتراك في الطريق فالشفعة ثابتة، وإن وقعت الحدود، وهذا خلاف الحديث.

[الجواب عن الاعتراض]

فالجواب من وجهين؛ أحدهما: أن من الرواة من اختصر أحد اللفظين، ومنهم من جَوَّد الحديث فذكرهما، ولا يكون إسقاط مَنْ أسقط أحد اللفظين مبطلًا لحكم اللفظ الآخر.

الثاني: أن تَصريفَ الطرق داخل في وقوع الحدود؛ فإن الطريق إذا كانت مشتركة لم تكن الحدود كلها واقعة، بل بعضها حاصل، وبعضها مُنتف، فوقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق، واللَّه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015