يدأبون في أسباب معيشتهنَّ، ويركبون الأخطار، ويجوبون القفار، ويعرضون أنفسهم لكل بلية ومحنة في مصالح الزوجات، والربُّ تعالى شكورٌ حليمٌ، فشكر لهم ذلك، وجبرهم (?) بأن مكَنهم مما لم يمكِّن منه الزوجات، وأنت إذا قايستَ بين تعب الرِّجال وشقائِهم وكدِّهم ونصبهم في مصالح النساء وبين ما ابتلي به النساء من الغَيْرة وجدتَ حظَّ الرجال من تحمل ذلك التعب والنصب والدأب أكثر من حظ النساء من تحمل الغيرة؛ فهذا من كمال عدل اللَّه وحكمته ورحمته؛ فله الحمد كما هو أهله.
وأما قول القائل: "إن شهوة المرأة تزيد على شهوة الرجل "فليس كما قال، والشهوة منبعها الحرارة، وأين حرارة الأنثى من حرارة الذكر؟ ولكن المرأة -لفراغها وبطالتها وعدم معاناته لما يشغلها عن أمر شهوتها وقضاء وطرها- يغمرها سلطان الشهوة، ويستولي عليها، ولا (?) يجد عندها ما يعارضه، بل يصادف قلبًا فارغًا ونفسًا خالية فيتمكَّن منها كل التمكن؛ فيظن الظان أن شهوتها أضعاف شهوة الرجل، وليس كذلك، ومما يدل على هذا أن الرجل إذا جامع امرأته أمكنه أن يجامع غيرها في الحال، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يطوف على نسائه في الليلة الواحدة (?)، وطاف سليمان عليه السلام على تسعين امرأة في ليلة (?)، ومعلومٌ أن له عند كل امرأة شهوة وحرارة باعثة على الوطءِ، والمرأة إذا قضى