أن يتركه كما قال لصاحب الحد الذي اعترف به: "اذهب فقد غفر اللَّه لك" (?) وبين أن يقيمه كما أقامه على ماعز والغامدية لمَّا اختارا إقامته وأبيا إلا التطهير به، ولذلك ردَّهما النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مرارًا وهما يأبيان إلا إقامته عليهما، وهذا المسلك وسط [بين] (?) مسلك من يقول: لا تجوز إقامته بعد التوبة ألبتة، وبين مسلك من يقول: لا أَثَرَ للتوبة في إسقاطه ألبتة، وإذا تأملت السنة رأيتَها لا تدل إلا على هذا القول الوسط، واللَّه أعلم.
وأما قوله: "وقبل شهادة العبد عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأنه قال كذا وكذا ولم يقبل شهادته على واحد من الناس بأنه قال كذا وكذا"، فمضمون السؤال أن رواية العبد مقبولة دون شهادته.
والجواب أنه لا يَلزم الشارع قول فقيه بعينه (?) ولا مذهب معين، وهذا المقام لا يَقضِ فيه إلا اللَّه ورسوله (?) فقط، وهذا السؤال كَذبٌ على الشارع؛ فإنه لم يأت عنه حرفٌ واحد أنه قال: لا تقبلوا شهادة العبد، بل ردوها، ولو كان عالمًا مفتيًا فقيهًا من أولياء اللَّه ومن أصدق الناس لهجة، بل الذي دل عليه كتابُ اللَّه وسنةُ رسوله وإجماع الصحابة والميزان العادل قبول شهادة العبد فيما تُقبل فيه شهادة الحر؛ فإنه من رجال المؤمنين فدخل في قوله تعالى: [{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] كما دخل في قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وهو عدل بالنص والإجماع، فيدخل في قوله تعالى:] (?) {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] كما دخل في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَحملُ هذا العلمَ من كُلِّ خَلَفٍ عَدُوله" (?) ويدخل في قوله: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2] وفي قوله: