حاجة اللسان والشفتين إلى الغسل كحاجة بقية الأعضاء؛ فَمَنْ أنكسُ قلبًا وأفسدُ فطرةً وأبطلُ قياسًا ممن يقول: إن غسل باطن المقعدة أولى من غسل هذه الأعضاء وإن الشارع فَرَّق بين المتماثلين؟ هذا إلى ما في غسل هذه الأعضاء المقارن لنية التعبد للَّه من انشراحِ القلبِ وقوَّته، واتساع الصدر، وفَرحِ النفس، ونشاطِ الأعضاء؛ فتميزت عن سائر الأعضاء بما أوجب غسلها دون غيرها، وباللَّه التوفيق.
وأما اعتبار توبة المحارب قبل القُدرة عليه دون غيره فيقال: أين في نصوص الشارع هذا التفريق؟ بل نصه على اعتبارِ توبة المحارب قبل القدرة عليه إما من باب التنبيه على اعتبار توبة غيره بطريقِ الأَوْلى؛ فإنه إذا دُفعت توبته عند حد حِرابه مع شدةِ ضررها وتعديه فلأن تَدفع التوبةُ [ما دون حد] (?) الحِراب بطريق الأولى والأحرى (?)، وقد قال اللَّه تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التَّائب من الذَنْبِ كمن لا ذنبَ له" (?)