وأما إيجاب حد الفرية على من قذف غيره بالزِّنا دون الكفر ففي غاية المناسبة؛ فإن القاذف غيره (?) بالزنا لا سبيل (?) للناس إلى العلم بكذبه، فجُعل حد الفرية تكذيبًا له. وتبرئة لعرض المقذوف، وتعظيمًا لشأن هذه الفاحشة التي يُجلد من رمى بها مسلمًا. وأما من رمى غيره بالكفر فإن شاهد حال المسلم واطِّلاع المسلمين عليه كافٍ في تكذيبه، ولا يلحقه من العار في كذبه عليه (?) في ذلك ما يلحقه عليه في الرمي بالفاحشة، ولا سيما إن كان المقذوف امرأة؛ فإن العار والمعرَّة التي تلحقها بقذفه بين أهلها وتَشَعُّب ظنون الناس وكوْنهم بين مصدق ومكذِّب لا يلحق مثله بالرمي بالكفر.
وأما اكتفاؤه في القتل بشاهدين دون الزنا ففي غاية الحكمة والمصلحة؛ فإن الشارع احْتاط للقِصاص والدماء واحْتاط لحد الزنا، فلو لم يقبل في القتل إلا أربعة لضاعت الدِّماء، وتواثب العادُون، وتجرؤوا على القَتْل؛ وأما الزنا فإنه بالغَ في سَتْرِه كما قَدَّر اللَّه ستره، فاجتمع على ستره شرع اللَّه وقدره، فلم يقبل فيه إلا