لهما واستيلائهما عليه، واختصاصه بسابيه، ووجودهما بحيث لا يُمكَّنان منه ومن تربيته وحضانته، واختصاصهما به لا أَثَرَ له، وهو كوجُودِهما في دار الحرب سواء، وأيضًا فإن الطفل لما لم يستقلّ بنفسه لم يكن (?) بُدٌّ من جعله تابعًا لغيره، وقد دار الأمر بين أن يُجعل تابعًا لمالكه وسَابيه ومَنْ هو أحقُّ الناس به وبين أَن يُجعل تابعًا لأبويه ولا حَقَّ لهما فيه بوجه، ولا ريبَ أن الأولَ أولى. وأيضًا فإن ولاية الأبوين قد زالت بالكليّة، وقد انقطع الميراث وولاية النكاح وسائر الولايات، فما بالُ ولاية الدِّين الباطل باقية وحدها؟ وقد نص الإِمام أحمد على منع أهل الذمة أن يشتروا رقيقًا من سَبي المسلمين، وكتب بذلك عمر بن الخطاب إلى الأمصار (?)، واشْتَهر ولم ينكره مُنْكر فهو إجماع من الصحابة، وإن نازع فيه بعض الأئمة، وما ذاك إلا أنَّ في تمليكه للكافر ونقله عن يدِ المسلمِ قطعٌ (?) لما كان بصدده من مشاهدةِ معالم الإِسلام وسماعه القرآن (?)، فربما دعاه ذلك إلى اختياره، فلو كان تابعًا لأبويه [على دينهما] (?) لم يُمنعا من شِراء، وباللَّه التوفيق.

فإن قيل: فيلزمكم على هذا أنه لو مات الأبوان أن تحكموا بإسلام الطفل لانقطاع تبعيّته للأبوين ولا سيما وهو (?) مسلمٌ بأصل الفطرة، وقد زال مُعارِض الإِسلام، وهو تهويدُ الأبوين وتنصيرُهما.

قيل: قد نص الإِمام أحمد (?) على ذلك في رواية جماعة من أصحابه، واحتج بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما من مولودٍ إلا يُولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه ويُنصِّرانه ويمَجِّسانه" (?) فإذا لم يكن له أبوان فهو على أصل الفطرة فيكون مسلمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015