فقال أبو الخطاب وغيره: ذهب أحمدُ إلى هذا توقيفًا على خِلاف القياس.
والصواب أنه مقتضى القياس والعَدْل، وهذا يتبين بأصل، وهو أن الجناية إذا حصلت من فعلٍ مضمونٍ ومُهْدر سقط ما يقابل المهدر واعتُبر ما يُقابل المضمون، كما لو قتل عبدًا مشتركًا بينه وبين غيره، أو أتلف مالًا مشتركًا أو حيوانًا سقط ما يُقابل حَقَّه ووجب عليه ما يقابل حقَّ شريكه، وكذلك لو اشترك اثنان في إتلاف مالِ أحدِهما أو قَتْلِ عبده أو حيوانه سقط عن المشارك (?) ما يقابل فعله، ووجب على الآخر من الضمان بقِسْطه (?)، وكذلك لو اشترك هو وأجنبي في قتل نفسه كان على الأجنبي نصفُ الضمان، وكذلك لو رمى ثلاثةً بالمنجنيق فأصاب الحجَرُ أحدَهم فقتله فالصحيح أن ما قابل فعل المقتول ساقط ويجب ثُلثا ديته على عاقلة الآخرين، هذا مذهب الشافعي واختيار صاحب "المغني" (?) والقاضي أبي (?) يعلى في "المجرَّد".
وهو الذي قضى به علي (?) في مسألة القارِصة [والقامصة] والواقِصة (?)، قال الشعبي: وذلك أن ثلاث جوار اجتمعن فركبت إحداهُنَّ على عُنُق الأخرى فقرَصَت الثالثةُ المركوبةَ فقمصت فسقطت الرَّاكبة فوقصت [أي كسرت] (?) عنقها