المحظور نسيانًا (?) عذرًا في سقوط الإثم عن فاعله.
فإن قيل: فهذا الفرق حجة عليكم؛ لأن ترك المفطرات في الصوم من باب المأمورات، ولهذا تُشترط (?) فيه النية، ولو كان فِعْلُ المُفطرات (?) من باب المحظور لم يحتج إلى نية كفعل سائر المحظورات (?).
قيل: لا ريبَ أن النية في الصوم شرطٌ، ولولاها لما كان عبادة، [ولا أُثيب عليه؛ لأن الثواب لا يكون] (?) إلا بالنية؛ فكانت النيةُ شرطًا في كون هذا الترك عبادة، ولا يختص ذلك بالصوم، بل كل تركٍ لا يكون عبادة يُثاب عليه (?) إلا بالنية، ومع ذلك فلو فعله ناسيًا لم يأثم به، فإذا نوى تركها لته ثم فعلها ناسيًا لم يقْدَحْ نسيانه في أجره، بل يثاب على قصد تركها للَّه، ولا يأثم بفعلها ناسيًا، وكذلك الصوم.
وأيضًا فإن فعل الناسي غير مضاف إليه، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أكلَ أو شَربَ ناسيًا فليتمَّ صوْمه؛ فإنما أطعمه اللَّه وسقاه" (?) فأضاف فعله ناسيًا إلى اللَّه لكونه لم يُردْه ولم يتعمده، وما يكون مضافًا إلى اللَّه تعالى لم يدخل تحت قدرة العبد فلم (?) يكلَّف به، فإنه إنما يُكلَّف بفعله، ولا بما يَفْعل فيه، ففعل الناسي كفعل النائم والمجنون والصغير (?)، وكذلك لو احتلم الصائم في منامه أو ذَرَعَه القيءُ (?) في اليقظة لم يفطر، ولو استدعى ذلك أفطر (?) به؛ فلو كان ما يُوجد بغير قصده كما يوجد بقصده لأفطر بهذا وهذا.