الذي تقدم في أول الكتاب (?): ". . . والسوران حدود اللَّه. . "، ويراد به تارة جنس العقوبة، وإن لم تكن مُقدَّرة، فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود اللَّه" (?) يريد الجناية (?) التي هي حَقُّ اللَّه.
فإن قيل: فأين تكون العشرة فما دونها إذا كان المرادُ بالحدِّ الجنايةَ.
قيل: في ضَرْب الرجل امرأتَه وعَبْدَه وولدَه، وأجيره للتأديب ونحوه، فإنه لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط؛ فهذا أحْسَن ما خُرِّج عليه الحديث، وباللَّه التوفيق.
وأما المضي في الحج الفاسد فليس مخالفًا للقياس؛ فإن اللَّه سبحانه أمر بإتمام الحج والعمرة، فعلى مَنْ شرع فيهما أن يمضي فيهما وإن كان متطوعًا بالدخول باتفاق الأئمة، وإن تنازعوا فيما سواه من التطوعات: هل تلزم بالشروع أم لا؟ فقد وَجَب عليه بالإحرام أن يمضيَ فيه إلى حين يتحلَّل، ووجب عليه الإمساك عن الوطء، فإذا وطئ فيه لم يسقط [وطؤه] (?) ما وجب عليه من إتمام النُّسك، فيكون ارتكابه ما حرَّمه اللَّه عليه سببًا لإسقاط الواجب عليه (?)، ونظير هذا الصائم إذا أفطر عمدًا لم يُسقِط عنه فِطرُه ما وجب عليه من إتمام الإمساك، ولا يُقال له: قد بطل صومُكَ فإن شئت أن تأكل فكُل، بل يجبُ عليه المضيُّ فيه