بِنَبِيذِ التَّمْرِ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ؟ وَكَيْفَ زِدْتُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَشَرَطْتُمْ فِي الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِخَبَرٍ لَا يَصْلُحُ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ عَلَى الْقُرْآنِ؟ .

وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ بِحَدِيثِ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، وَأَخَذُوا كُلُّهُمْ بِحَدِيثِ تَوْرِيثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنْتَ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ الْبِنْتِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذَ النَّاسُ كُلُّهُمْ بِحَدِيثِ اسْتِبْرَاءِ الْمَسْبِيَّةِ بِحَيْضَةٍ، وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَأَخَذُوا بِحَدِيثِ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ، وَأَخَذُوا كُلُّهُمْ بِقَضَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّائِدَ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأَبَوَيْنِ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعَلَّاتِ، الرَّجُلُ يَرِثُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ، وَلَوْ تَتَبَّعْنَا هَذَا لَطَالَ جِدًّا؛ فَسُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَلُّ فِي صُدُورِنَا وَأَعْظَمُ وَأَفْرَضُ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَقْبَلَهَا إذَا كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، بَلْ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنَيْنِ، وَكَذَلِكَ فَرْضٌ عَلَى الْأُمَّةِ الْأَخْذُ بِحَدِيثِ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ يَقْضِي بِالنُّكُولِ وَمَعَاقِدُ الْقُمُطِ وَوُجُوهِ الْآجُرِّ فِي الْحَائِطِ وَلَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ، وَأَخَذْتُمْ أَنْتُمْ وَجُمْهُورُ الْأُمَّةِ بِحَدِيثِ: «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ» مَعَ ضَعْفِهِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذْتُمْ أَنْتُمْ وَالنَّاسُ بِحَدِيثِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذْتُمْ مَعَ سَائِرِ النَّاسِ بِقَطْعِ رِجْلِ السَّارِقِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مَعَ زِيَادَتِهِ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذْتُمْ أَنْتُمْ وَالنَّاسُ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الِاقْتِصَاصِ مِنْ الْجُرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذَتْ الْأُمَّةُ بِأَحَادِيثِ الْحَضَانَةِ وَلَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذْتُمْ أَنْتُمْ وَالْجُمْهُورُ بِاعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي مَنْزِلِهَا وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَخَذْتُمْ مَعَ النَّاسِ بِأَحَادِيثِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَالْإِنْبَاتِ وَهِيَ زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ؛ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاحْتِلَامُ، وَأَخَذْتُمْ مَعَ النَّاسِ بِحَدِيثِ: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» مَعَ ضَعْفِهِ، وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَبِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَهُوَ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، وَأَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَا، بَلْ أَحْكَامُ السُّنَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْهَا؛ فَلَوْ سَاغَ لَنَا رَدُّ كُلِّ سُنَّةٍ زَائِدَةٍ كَانَتْ عَلَى نَصِّ الْقُرْآنِ لَبَطَلَتْ سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّهَا إلَّا سُنَّةً دَلَّ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ سَيَقَعُ وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ خَبَرِهِ.

[أَنْوَاعُ دَلَالَةِ السُّنَّةِ الزَّائِدَةِ عَنْ الْقُرْآنِ]

فَإِنْ قِيلَ: السُّنَنُ الزَّائِدَةُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ تَارَةً تَكُونُ بَيَانًا لَهُ، وَتَارَةً تَكُونُ مُنْشِئَةً لِحُكْمٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْقُرْآنُ لَهُ، وَتَارَةً تَكُونُ مُغَيِّرَةً لِحُكْمِهِ، وَلَيْسَ نِزَاعُنَا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015