كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ نَبِيُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَقْضِ بِمَا قَضَى بِهِ الصَّالِحُونَ، فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ نَبِيُّهُ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ الصَّالِحُونَ فَلْيَجْتَهِدْ رَأْيَهُ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ فَلْيَقُمْ وَلَا يَسْتَحْيِ.
[حَالُ ابْنِ عَبَّاسٍ]
وَذَكَرَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ إذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَكَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ.
[حَالُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ]
وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنِي أَبِي ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْت أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا؟ قُلْت: لَا، قَالَ: فَأَجِمَّنَا حَتَّى يَكُونَ، فَإِذَا كَانَ اجْتَهَدْنَا لَك رَأْيَنَا.
[جُمْلَةٌ مَنْ أَخْذِ الصَّحَابَةِ بِالرَّأْيِ]
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَوَيْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَفِي كِتَابِ اللَّهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؟ فَقَالَ: أَنَا أَقُولُ بِرَأْيِي وَتَقُولُ بِرَأْيِك.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ: أَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ هَذَا أَوْ شَيْءٌ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ رَأَيْتُهُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَالَ فِي شَيْءٍ بِرَأْيِهِ قَالَ: هَذِهِ مِنْ كِيسِي، ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ وَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: إيَّاكُمْ وَفِرَاسَةَ الْعُلَمَاءِ، احْذَرُوا أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْكُمْ شَهَادَةً تَكُبُّكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ فِي النَّارِ، فَوَاَللَّهِ إنَّهُ لَلْحَقُّ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ.
قُلْت: وَأَصْلُ هَذَا فِي التِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ؛ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر: 75] »