يخرج من هذا كله أن (الغاوون) هم السفهاء، أو هم الكفار من الجن والإنس أو هم الرواة. فإذا كان هذا كذلك، فأي ذم يلحق شعراء الإسلام إذا لم يهجوا؟ لا سيما والنبي عليه السلام قال لشاعره كعب بن مالك لما سأله رأيه في الشعر حين أنزل الله فيه هذه الآية: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل (?)، فإذا كان شاعر الإسلام لا يهجو إلا الكفار فهذا هو المطلوب.

وفي هذا الحديث تقرير الشعراء على قول الشعر على الوجه الجائز إذا حملنا خطاب النبي عليه السلام عموما على ما يرد في بعض الأحكام الشرعية، أن يكون الخطاب لشخص والحكم متوجه على الجملة (?).

وأما إن كان الذم المفهوم من قوله تعالى وَاَلشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغاوُونَ ليس على عمومه بل كما قيده أبو عبد الله بالشعراء الكفار، فلا مدخل للإسلاميين فيه؛ وبالله التوفيق.

وإن احتج أيضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا» (?). قلت: الجواب ما قاله الإمام أبو عبد الله المازري والقاضي عياض في ذلك الحديث، ونقلته من الإكمال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015