إن المسجد الأقصى مسجد مبارك، والصلاة فيه بـ (250) صلاة، والدليل على ذلك ما رواه الحاكم في المستدرك بسند صحيح من حديث أبي ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتذاكرون: أيهما أفضل الصلاة في المسجد الأقصى أم الصلاة في المسجد النبوي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (ولنعم المصلى هو، وصلاة في مسجدي هذا بأربع صلوات فيه) أي: في المسجد الأقصى.
ومعلوم أن الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة، فيتحرر من هذا أن الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة.
إن الاحتلال اليهودي للمسجد الأقصى أمر غير محمود لكنه الخيط الذي يجمع المسلمين اليوم عرباً وعجماً، وكل من ينتسب للملة لا يمكن أن يختلف معك في أن أمنيته أن يصلي في المسجد الأقصى وقد حرر، وهذه نعمة من وجه آخر وإن كان احتلالهم له نقمة.
على هذا يفهم أن من يحتج بقضية المهدي المنتظر لا يقبل احتجاجه؛ لأنه لو قلنا للناس: إن المسجد الأقصى لن يحرر إلا على يد المهدي المنتظر لثبطنا عزائم الناس ولمات الجهاد في الأمة، ولما بقي هناك أحد يعمل لإصلاح المجتمع، ولكان الناس كلهم ينتظرون المهدي المنتظر.
فالذي أضر بالأمة هو أنهم ينتظرون الغيب المنشود وينسون الواقع المشهود، والغيب لا يعني أننا نترك ما نحن فيه، فالله جل وعلا أخبر الناس كلهم أنهم ميتون، وقال لنبيه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30]، وهذا غيب، ولكن لا يعني أن تذهب إلى الموت، بل عش حياة طبيعيه كما أمر الله حتى يأتيك الموت.
فالمسجد الأقصى يفتح على يد المهدي أو على يد عيسى، أو على يد غيرهما، فهذا لا يخصنا فنحن مسئولون شرعاً عن هذا المسجد بأن نسلك الطرائق الشرعية، ونجمع ما بين الأسباب الكونية والأسباب الشرعية في الوصول إلى غاياتنا التي ننشدها، وإن قدر هذا على أيدي المسلمين المعاصرين اليوم كان خيراً كثيراً، وإن لم يقدر برئت الذمة ووقعت المعاذير، والأمر غيب ولا يقع إلا ما أراد الله وكتبه جل وعلا في الأزل.