فبين صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين، أعلاهما عبادة الله كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة، وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه وهو أن يتنور القلب بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، وهذا هو حقيقة مقام الإحسان. الثاني: مقام المراقبة وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه وقربه منه فإذا استحضر العبد هذا في عمله وعمل عليه فهو مخلص لله تعالى؛ لأن استحضاره ذلك في عمله يمنعه من الالتفات إلى غير الله تعالى وإرادته بالعمل، ويتفاوت أهل هذين المقامين بحسب نفوذ البصائر.
س: ما هو ضد الإيمان؟
جـ: ضد الإيمان الكفر، وهو أصل له شعب، كما أن الإيمان أصل له شعب، وقد عرفت مما تقدم أن أصل الإيمان هو التصديق الإذعاني المستلزم للانقياد بالطاعة، فالكفر أصله الجحود والعناد المستلزم للاستكبار والعصيان، فالطاعات كلها من شعب الإيمان وقد سمى في النصوص كثير منها إيمانا كما قدمنا، والمعاصي كلها من شعب الكفر وقد سمى في النصوص كثير منها كفرا كما سيأتي، فإذا عرفت هذا عرفت أن الكفر كفران، كفر أكبر يخرج من الإيمان بالكلية وهو الكفر الاعتقادي المنافي لقول القلب وعمله أو لأحدهما، وكفر أصغر ينافي كمال الإيمان ولا ينافي مطلقه وهو الكفر العملي، الذي لا يناقض قول القلب ولا عمله ولا يستلزم ذلك.
س: بين كيفية منافاة الكفر الاعتقادي للإيمان بالكلية وفصل ليّ ما أجملته في إزالته إياه؟ .