(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) تبت فعل ماض والتاء للتأنيث ويدا أبي لهب فاعل وتب عطف على تبت أي وكان ذلك وحصل كقوله:
جزاني جزاه الله شرّ جزائه ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
والجملة دعائية لا محل لها، روي في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن ابن عباس قال: لما نزلت: وأنذر عشيرتك الأقربين خرج صلّى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقيّ؟ قالوا ما جربنا عليك كذبا قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت السورة، وقال الزمخشري: «فإن قلت:
لم كناه والكنية تكرمة؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يكون مشتهرا بالكنية دون الاسم فقد يكون الرجل معروفا بأحدهما ولذلك تجري الكنية على الاسم والاسم على الكنية عطف بيان فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ يدا أبو لهب كما قيل علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان لئلا يغيّر منه شيء فيشكل على السامع» إلى أن يقول: «والثاني أنه كان اسمه عبد العزّى فعدل عنه إلى كنيته والثالث أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرا بأن يذكر بها، ويقال أبو لهب كما يقال أبو الشر للشرير وأبو الخير للخيّر وكما كنّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا المهلب أبا صفرة بصفرة كانت في وجهه وقيل كني بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما فيجوز أن يذكر ذلك تهكما به وبافتخاره بذلك» (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) ما يجوز فيها