بالنار التي سمّاها الحطمة لما يكابد فيها من هول ويلقى فيها من عذاب واختار في تعيينها صيغة مبالغة على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب المقترف حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء فهذا الذي ضري بالذنب جزاؤه هذه الحطمة التي هي ضارية أيضا تحطم كل ما يلقى فيها، قيل نزلت هذه السورة في الأخنس بن شريق وكان من عادته الغيبة والوقيعة وقيل في أمية بن خلف وقيل في الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول الله صلّى الله عليه وسلم وغضّه منه ولئن كان السبب خاصّا فإن الوعيد كان عامّا يتناول كلّ من اتّسم بهذه السمة الموهونة ليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه وقد مرّ بحث التعريض وهو عبارة عن أن يكني الإنسان بشيء عن آخر ولا يصرّح به لئلا يأخذه السامع لنفسه ويعلم المقصود منه كقول القائل ما أقبح البخل فيعلم أنك أردت أن تقول له: أنت بخيل، وكقول بعضهم للآخر: لم تكن أمّي زانية، يعرض بأن أمه زانية. والتعريض على كل حال نوع من الكناية ومن أمثلته الشعرية قول الحجّاج يعرض بمن تقدمه من الأمراء:

لست براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015