وعلى هذا فالثانية عين الأولى والثاني: أن ابن مسعود قال: لو كان العسر في جحر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه، إنه لن يغلب عسر يسرين، مع أن الآية في قراءته وفي مصحفه مرة واحدة فدل على ما ادّعينا من التأكيد وعلى أنه لم يستفد تكرر اليسر من تكرره بل هو من غير ذلك كأن يكون فهمه مما في التنكير من التفخيم فتأوله بيسر الدارين، والثالث: أن في التنزيل آيات تردّ هذه الأحكام الأربعة فيشكل على الأول قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف. الآية، وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله، والله إله واحد سبحانه وعلى الثاني قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير، فالصلح الأول خاص وهو الصلح بين الزوجين والثاني عام ولهذا يستدل بها على استحباب كل صلح جائز ومثله زدناهم عذابا فوق العذاب، والشيء لا يكون فوق نفسه.... وعلى الرابع: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم مائدة من السماء وقوله: «إذا الناس ناس والزمان زمان» فإن الثاني لو ساوى الأول في مفهومه لم يكن في الإخبار عنه فائدة وإنما هذا من باب قوله: «أنا أبو النجم وشعري شعري» أي وشعري لم يتغير عن حالته، فإن ادعي أن القاعدة فيهنّ إنما هي مستمرة مع عدم القرينة فأما إن وجدت قرينة فالتعويل عليها سهل» ثم أورد ابن هشام كلمة الزمخشري المذكورة آنفا. وقال التفتازاني في التلويح: «واعلم أن المراد أن هذا هو الأصل عند الإطلاق وخلو المقام عن القرينة وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة كقوله تعالى: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله، وقالوا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية، الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا، وشيبة يعني قوة الشباب ومنه باب التأكيد اللفظي، وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة كقوله تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك، ثم قال أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015