المنهبات قلوبنا وعقولنا ... وجناتهنّ الناهبات الناهبا
الناعمات القاتلات المحييا ... ت المبديات من الدلال غرائبا
حاولن تفديتي وخفن مراقبا ... فوضعن أيديهنّ فوق ترائبا
وبسمن عن برد خشيت أذيبه ... من حر أنفاسي فكنت الذائبا
وإنما أوردنا القطعة لنفاستها، والشاهد في البيت الرابع حيث اقتبس مكان شهوة المرأة فجعلها تضع أيديها عليها ولهذا لم يستطع أحد من شرّاح ديوان أبي الطيب فهم البيت على حقيقته وخلطوا خلطا عجيبا فقال ابن جنّي: «أشرن إليّ من بعيد ولم يجهرن بالسلام والتحية خوف الرقباء والوشاة» وهذا كلام غير مفهوم فإن الخوف من الوشاة والرقباء يستدعي وضع الأيدي على الوجوه لا على الترائب وقال الواحدي وخاض في بيداء من الوهم: «طلبن أن يقلن نفديك بأنفسنا وخفن الرقيب فنقلن التفدية من القول إلى الإشارة أي أنفسنا تفديك» وهذا يحتمل للكلام ما لا يحتمله، ولعل ابن فورجة كان أذكى من صاحبيه فقال: «وضع اليد على الصدر لا يكون إشارة بالسلام وإنما أراد وضعن أيديهنّ فوق ترائبهنّ تسكينا للقلوب من الوجيب» ، على أنه رغم نفاسته منقوض بصدر البيت.
2- وفي قوله «النجم الثاقب» الفصل، وسياق الكلام يقتضي الوصل لأنه قصد إشراكهما في الحكم واتفقا فيه وإنما عدل عنه تفخيما لشأنه فأقسم أولا بما يشترك فيه هو وغيره وهو الطارق ثم سأل عنه بالاستفهام تفخيما لشأنه ثانيا ثم فسّره بالنجم إزالة لذلك الإبهام الحاصل بالاستفهام، روي أن أبا طالب كان عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فانحطّ نجم فجزع أبو طالب وقال أيّ شيء هذا؟ فقال عليه السلام: هذا نجم رمي به وهو آية من آيات الله.
3- وفي قوله «والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم