الكلام لا في أوله، وأجابوا بأن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض والاعتراض صحيح لأنها لم تقع مزيدة إلا في وسط الكلام ولكن الجواب غير سديد، ألا ترى إلى امرئ القيس كيف زادها في مستهل قصيدته والوجه أن يقال هي للنفي والمعنى أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له يدلك على ذلك قوله تعالى: «فلا أقسم بمواقع النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم» فكأنه بإدخال حرف النفي يقول:

إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام يعني أنه يستأهل فوق ذلك وقيل إن لا نفي لكلام وردّ له قبل القسم كأنهم أنكروا البعث فقيل: لا أي ليس الأمر على ما ذكرتم ثم قيل أقسم بيوم القيامة» وقيل هي ردّ لكلامهم حيث أنكروا البعث كأنه قال: ليس الأمر كما ذكرتم أقسم بيوم القيامة، وهذا قول الفراء وكثير من النحويين. وقد تقدم الكلام عليها في الواقعة فجدّد به عهدا. وأقسم فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنا وبيوم القيامة متعلقان بأقسم (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) عطف على الجملة السابقة واللوّامة نعت للنفس أي التي تلوم نفسها في يوم القيامة على ما فرط منها من قصور أو التي لا تزال تلوم نفسها في الدنيا، وقد روي أنه عليه السّلام قال: «ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وتلوم نفسها يوم القيامة إن عملت خيرا قالت: كيف لم أزدد وإن عملت شرّا قالت: ليتني كنت أقصرت عن الشر» وجواب القسم محذوف أي لتبعثنّ دلّ عليه ما بعده وهو: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي ويحسب فعل مضارع مرفوع والإنسان فاعل وأن مخفّفة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن ولن وما في حيّزها في موضع الخبر والفاصل هنا حرف النفي وأن المخففة وما في حيّزها سادّة مسدّ مفعولي يحسب وعظامه مفعول نجمع للبعث والإحياء. قال النحّاس: وإنما خصّ العظام لأنها قالب الخلق.

(بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) بلى حرف جواب وهو إيجاب لما بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015