وليس هذا من علم الغيب إذ تكلمت به الملائكة وتلقفها الجنّي وتلقفها منه الكاهن فالكاهن لم يعلم الغيب، وأما تعبير المنامات فالمعبر غير المعصوم لا يعبّر بذلك على سبيل القطع والبت بل على سبيل الحزر والتخمين فقد يقع ما يعبر وقد لا يقع، وأما الكاهنة البغدادية وما حكي عنها فحسبه عقلا أن يستدل بأحوال امرأة لم يشاهدها ولو شاهد ذلك لكان في عقله ما يجوز أنه ليس عليه هذا وهو العالم المصنّف الذي طبق ذكره الآفاق وهو الذي شكك في دلائل الفلاسفة وسامهم الخسف، وأما حكايته عن صاحب المعتبر فهو يهودي أظهر الإسلام وهو منتحل طريقة الفلاسفة، وأما مشاهدته أصحاب الإلهامات الصادقة فلي من العمر نحو من ثلاث وسبعين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح ولم أر أحدا منهم صاحب إلهام صادق، وأما الكرامات فإني لا أشك في صدور شيء منها لكن ذلك على سبيل الندرة وذلك فيما سلف من صلحاء هذه الأمة وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامة ولله تعالى أن يخصّ من شاء بما شاء» .