وهو في الأصل من صميم المعنى كما ندرس في علم البيان إسناد الفعل إلى فاعله على سبيل المجاز دون أن نحاول جمع هذا الشتات المنتشر للظاهرة الأسلوبية لاجتلاء سرّها الذي من أجله تستغني العربية عن الفاعل فتسنده إلى غير فاعله بالبناء للمجهول أو بالمطاوعة أو بالإسناد المجازي، ومما يلفت النظر اطّراد هذه الظاهرة في البيان القرآني في موقف واحد هو موقف القيامة وفي الآيات المكيّة بنوع خاص كما سترى وغاية ما يقوله البلاغيون أنه قد يحذف الفاعل للخوف منه أو عليه وللعلم أو للجهل به وقد مضى المفسرون على تقدير فاعل محذوف لأحداث القيامة هو الله سبحانه أو ملك من ملائكته مع وضوح العمد في البيان القرآني إلى صرف النظر عن الفاعل والاستغناء عن ذكره وأكثر ما قالوه في تأويل ذلك أن الفاعل محذوف للعلم به فما سرّ ظاهرة الاستغناء عنه في أحداث القيامة.
يشترط في نيابة المصدر عن الفاعل أن يكون متصرفا مختصا بصفة أو غيرها نحو فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة، وغير المتصرف من المصادر ما لزم النصب على المصدرية نحو سبحان الله، وغير المختص المبهم نحو سير سير فيمتنع سبحان الله بالضم على أن يكون نائب فاعل فعله المقدر على أن الأصل يسبّح سبحان الله لعدم تصرفه ويمتنع سير سير لعدم الفائدة إذ المصدر المبهم مستفاد من الفعل فيتحد معنى المسند والمسند إليه ولا بدّ من تغايرهما بخلاف ما إذا كان مختصّا فإن الفعل مطلق ومدلول المصدر مقيد فيتغايران فتحصل الفائدة وإذا امتنع سير سير مع إظهار المصدر فامتناع سير بالبناء للمفعول على إضمار ضمير المصدر أحقّ بالمنع لأن ضمير المصدر المؤكد أكثر إبهاما