وقال الزمخشري: «مستعار من قول الرجل لمن يتهدده: سأفرغ لك يريد سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنك حتى لا يكون لي شغل سواه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه، ويجوز أن يراد ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله: كل يوم هو في شأن فلا يبقى إلا شأن واحد وهو جزاؤكم فجعل ذلك فراغا على طريق المثل» .
ويتلخص مما تقدم أن الفراغ من صفات الأجسام التي تحلّها الأعراض وتشغلها عن الأضداد في تلك الحال ولذلك وجب أن يكون في صفة القديم تعالى مجازا.
(الثَّقَلانِ) أصله من الثقل وكل شيء له وزن وقدر فهو ثقل ومنه قيل لبيض النعامة ثقل قال:
فتذكرا ثقلا رتيدا بعد ما ... ألقت ذكاء يمينها في كافر
وإنما سمّيت الإنس والجن ثقلين لعظم خطرهما وجلالة شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من الحيوانات ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي» سمّاهما ثقلين لعظم خطرهما وجلالة قدرهما، وقيل إن الجن والإنس سمّيا ثقلين لثقلهما على الأرض إحياء، ومنه قوله تعالى:
«وأخرجت الأرض أثقالها» أي أخرجت ما فيها من الموتى، والعرب تجعل السيد الشجاع ثقلا على الأرض، قالت الخنساء:
أبعد ابن عمرو من آل الشريد ... حلّت به الأرض أثقالها
والمعنى أنه لما مات حلّ عنها ثقل بموته لسؤدده ومجده، وقيل إن المعنى: زينت موتاها من التحلية.