وقوله: الله خالق كل شيء وإذا ثبتت هذه المقدمة عقلا ونقلا لزمه فرك أذنه وغلّ عنقه إذ يلحد في الله إلحادا لم يسبقه إليه أحد من عباده الكفرة ولا تجرأ عليه ما ردّ من مردّة الفجرة» إلى آخر هذا الرد الذي لم يخل من السباب والشتائم أيضا.
ثم قال الزمخشري: «وقد تمحل الناس بما أخرجوه به من هذا الأسلوب الشريف المليء بالنكت والفوائد المستقلة بالتوحيد على أبلغ وجوهه فقيل إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين الموحدين لله المكذبين قولهم بإضافة الولد إليه وقيل إن كان للرحمن ولد فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد» وقيل: هي إن النافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد وقد فنّد أبو حيان هذه الوجوه كلها بما لا يتّسع له صدر هذا الكتاب.
وعبارة الشوكاني: «أي إن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول من عبد الله وحده لأن من عبد الله وحده فقد دفع أن يكون له ولد، كذا قال ابن قتيبة وقال الحسن والسدّي: إن المعنى ما كان للرحمن ولد ويكون قوله فأنا أول العابدين ابتداء كلام، وقيل المعنى:
قل يا محمد إن ثبت لله ولد فأنا أول من يعبد هذا الولد الذي تزعمون ثبوته ولكنه يستحيل أن يكون له ولد وفيه نفي للولد على أبلغ وجه وأتم عبارة وأحسن أسلوب وهذا هو الظاهر من النظم القرآني، ومن هذا القبيل قوله تعالى: وإنّا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، ومثل هذا قول الرجل لمن يناظره إن ثبت ما تقوله بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول به، فتكون إن شرطية وهذا ما اخترناه ورجحه ابن جرير وغيره وهناك أقوال أخرى ضربنا عنها صفحا لأنها من التمحّل والتكلّف لا يليق بالقرآن الكريم أن يأتي بها أو يرمي إليها لأن القرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ.