لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوّجهم» الآية فن صحة التقسيم وقد تقدم الإلماع إليه وأنه استيفاء المتكلم جميع أقسام المعنى الذي هو شارع فيه بحيث لا يغادر منه شيئا فانه سبحانه إما أن يفرد العبد بهبة الإناث، أو بهبة الذكور، أو بهما جميعا، أو لا يهبه شيئا فقد وقعت صحة التقسيم في هذه الآية على الترتيب الذي تستدعيه البلاغة وهو الانتقال في نظم الكلام ورصفه من الأدنى الى الأعلى فقدّم هبة الإناث وانتقل إلى هبة الذكور ثم إلى هبة المجموع، وجاء في كل قسم من أقسام العطية بلفظ الهبة وأفرد معنى الحرمان بالتأخير لأن إنعامه على عباده أهمّ عنده، وتقديم الأهم واجب في كل كلام بليغ، والآية إنما سيقت للاعتداد بالنعم وإنما أتى بذكر الحرمان ليتكمل التمدح بالقدرة على المنع كما يمدح بالعطاء فيعلم أنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، وعدل من لفظ الحرمان والمنع الى لفظ هو ردفه وتابعه وهو لفظ الجعل، وسيأتي ما يشبهه في سورة الواقعة مع مزيد من التفصيل فانظره هناك.

هذا وهناك من الطباق ما لا يخفى مما تقدم بحثه كثيرا.

الفوائد:

1- قبل أن نورد لك قاعدة نحوية هامة نورد ما قاله أعلام المفسرين والنحاة في إعراب قوله «وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا» الآية.

وإليك خلاصة ما قاله الزمخشري:

وما صحّ لأحد من البشر أن يكلمه الله إلا على ثلاثة أوجه:

1- إما على طريق الوحي وهو الإلهام والقذف في القلب أو المنام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015